دنيا الفنون

جزيرة غمام.. زوبعة هَبَّتْ على الدراما المصرية

 تابعتها معكم/ سارة جمال

 لأن الفن رسالة قبل أن يكون مهنة خرج علينا الكاتب العبقري المختلف دومًا عبد الرحيم كمال بتحفة إبداعية خلال السباق الرمضاني، استطاع أن يتغلغل داخل نفوسنا ويلمس قلوبنا، ويحاول إحياء قيم ومبادئ ماتت بداخلنا.. مسلسل شديد القرب من الواقع كما وصفه مؤلفه واقع يصنعه الخيال.

 سأتناوله بشكل مختلف نوعا ما، لتوضيح رسائل هامة أهداها لنا المؤلف، ولسان حاله يقول: ها هي الدراما كما يجب أن تكون، ولنبدأ بشخصيات المسلسل والتي تم اختيارها بعناية فائقة.. وعلي سبيل المثال وليس الحصر، العجمي (رياض الخولي) أخبرنا أن العدل ربما يصعب قليلا لكنه لا يستحيل، وأن المساواة بين الغني والفقير لا تضعف موقفه وإنما تقويه وبشدة، أخبرنا متى نتعامل بحزم وشدة، ومتى تلين قلوبنا.

 عرفات (أحمد أمين): من أفضل شخصيات المسلسل على الإطلاق، لم أكتب الشيخ عرفات لأنه لا يحب أن يُلقب بالشيخ، وتلك لفتة قوية جدا من الكاتب وكأنه يغلق الباب في وجه منتقديه حين اختلافهم مع وجهات نظره؛ لأنه لا يتكلم بالشرع وإنما بقلبه النقي ومحبته لله وخوفه الشديد منه.

 نأتي لنقطة أخرى وهي خشية الناس من أن يُفضح لهم سر، فالكل لديه سر يخشى كثيرا البوح به حتى بينه وبين نفسه، ربما يسهل خضوعهم حتى لا يُفضح سرهم، كما فعل خلدون حين عثر على كتاب الشيخ/ مدين والذي أخطأ كثيرا حين قام بتدوين أسرار سكان جزيرة غمام، ومن منا معصوم من الخطأ، لكنه تدارك خطأه قليلا حين أعطى الكتاب لتلميذ لديه يتيقن جيدا أنه لن يستغل ما فيه لصالحه، أخذه الأخير بدوره وقد اتضح على وجهه الشغف لمعرفة محتوى هذا الكتاب الذي ورثه عن شيخه، ثم لاحظنا فيما بعد أنه لم يعد يهتم بمطالعته. ثم يوسوس خلدون لعرفات بحب الذات والغرور حين يجعل منه أمام الناس ولي من أولياء الله الصالحين ولأنه بشر أخذه الغرور إلى حد أنه قبل أن تُقبل يداه من قبل طرح البحر، هذا يأخذنا إلى سر مثالية مؤلفات عبد الرحيم كمال؛ وهو البعد عن المثالية وعدم إظهار البطل بمظهر ملائكي كما نرى في كثير من السيناريوهات “وقت أما تعمى البصاير… ما حيلتنا غير البصيرة” . هكذا بعدما عميت بصائرنا عن رؤية محتويات هادفة جاء مسلسل جزيرة غمام بمثابة زوبعة هبّت على الدراما المصرية فأخذت بإعصارها كل المحتويات الهابطة والتي كُتبت بلا هدف أو رسالة وأبقت فقط بأذهاننا كل عمل درامي احترم عقول مشاهديه.

اظهر المزيد

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى