مقالات و آراء

حقائق كثيرة في تاريخ مصر

طارق تغيان……. يكتب

 

يقول الكاتب الصحفي حلمي النمنم في مقالات سابقة وفي حوارات تليفزيونية، ان هناك حقائق كثيرة من تاريخ مصر الحديث و المعاصر للأسف، يتم معرفته من المصادر الخارجية الأجنبية، مثل وقفة عرابي الشهيرة أمام الخديوي توفيق عام 1881، مشيرا إلى ان الزعيم احمد عرابي لم يذهب إلى قصر الخديوي و لم يقل كلماته المشهورة “لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا.. و لن نستعبد بعد اليوم” كما تحدثت كتب التاريخ!!..

و يعقب الكاتب ابراهيم عيسى على ذلك مدلِّلاً بأن ايا من المعاصرين للحدث لم يتعرض من قريب او من بعيد لذلك الحادث كالشيخ محمد عبده و خطيب الثورة العرابية عبد الله النديم!.. وأيضا يقول ان تلك الحادثة قد دخلت في صفحات التاريخ عن طريق عرابي نفسه بعد عودته من المنفى، و تعرضه لحملة هجوم شعواء بدعوى انه كان سببا مباشرا في جلب الإحتلال الإنجليزي للبلاد. فكان ذكره للحادثة لحصوله على المزيد من التعاطف من جديد على حد تعبير الكاتب!..

و يزيد عيسى فيقول: ان كثير من كتّاب التاريخ تناولوا الحادثة في سبيل الدفاع عن عرابي، فذكرها محمود الخفيف في كتابه (أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه)، ذلك المؤلَّف الذي برغم ضخامة حجمه، لم يضيف الجديد واكتفى بنقل الوقائع عن اصحابها على سبيل الدفاع دون توثيقها..

وبغض النظر عن صحة الواقعة تاريخيا من عدمها، فلنا هنا أن نتساءل: إذا كان هؤلاء المشككين في التاريخ يستخدمون اسلوب “التشكيك” بمعنى ان الواقعة غير مذكورة عن لسان احد المعاصرين!.. فإن الواقعة ذكرت عن طريق صاحبها شخصيا في مذكراته وليس مجرد معاصر أو شاهد عيان.. فلو اعتبرت مثلا ان شهادة النديم أو محمد عبده صحيحة فهل هم افضل حالا أو اصدق من عرابي نفسه؟!.. أيضا لو قالوا بأن الواقعة اختلقها عرابي في صدد الدفاع عن نفسه، فلم لا يكون الخديوي قد محا من التاريخ على مدار عشرون عاما انصياعه لرغبات عرابي و من خلفه الجيش و الشعب بعد نجاحه في نفيه و القضاء على الحركة العرابية تماما؟؟.. لاحظوا ان ثورة عرابي لم تعرفها كتب التاريخ بالإنصاف الا بعد عام 1952!!

ولو قالوا ان الواقعة لم تذكر في اي من المراجع الأجنبية المعاصرة و التي حَوَت العديد من الوقائع الأخرى عن الفترة المعاصرة لم تذكر في التاريخ المصري!.. ونقول بأنه ليس معنى هذا ان تكون المراجع الأجنبية حاكما بل ودليلا على صحة التاريخ المصري وإلا فلم نرجع لكتب مؤرخين من مصر كالجبرتي و الرافعي و غيرهم؟.. فلندعهم جانبا و نرجع لكتب مثل وصف مصر او مذكرات ديلسبس او اللورد كرومر إذا اعتبرنا ان هؤلاء كتبوا عن تاريخ مصر مالم يكتبه المصريين!!..

أكرر لسنا في صدد الدفاع عن صحة الواقعة من عدمه، فهذا لا نملك عليه دليلا الا ماورد في كتب التاريخ، ولكني اقول بأن هؤلاء المشكيين ليس عندهم دليل على مايقولون الا إلقاء الريبة في نفوس الناس دون دليل علمي يقبله أي باحث!.. بمعنى انك لو كنت بصدد دراسة ذلك الموضوع ضمن رسالة ماجستير او دكتوراه، وذكرت ذلك للمشرف عن رسالتك لمزق الورق وألقى به في وجهك!!..

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى