سياسة

خمسون عاما على العلاقات الأمريكية القطرية

بقلم :أحمد المالكي
كاتب متخصص في الشؤون الأمريكية والعلاقات الدولية والقضايا السياسية
العلاقات بين الولايات المتحدة وقطر علاقات متينة تقوم على أساس الشراكة الاستراتيجية ووصلت العلاقات إلى أبعد مدى لها وأصبحت قطر شريكا رئيسيا للولايات المتحدة من خارج حلف الناتو وهذا يؤكد قدرة قطر على التواصل الخارجي لها سواء في محيطها الإقليمي او الدولي وتبني قطر سياسة الشراكة مع أغلب دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة .
خمسون عاما من التواصل الأمريكي القطري وهناك ملفات تعاون كثيرة بينهما وعلى راسها الملف النووي الايراني لما تمتلكه قطر من علاقة مع إيران وترسل الولايات المتحدة رسائلها إلى طهران عبر الدوحة وهناك علاقات شراكة بين الولايات المتحدة وقطر في مجالات مختلفة أخرى مثل أمن الطاقة وقامت قطر برفع إنتاجها من الغاز وأشادت الولايات المتحدة بهذا القرار وأكدت أن هذا القرار سوف يؤدي إلى تهدئة الأسواق وقطر تعمل دائما مع الولايات المتحدة وهناك ملفات عديدة بينهما يتفق فيها الطرفان والاختلاف بينهما يكاد يكون نسبة صغيرة لكن بلا شك أن قطر تمتلك استثمارات بمليارات الدولارات داخل الولايات المتحدة وهذا يساهم في توفير فرص العمل للأمريكيين ويقدر الأمريكيين قيمة الاستثمارات القطرية داخل الولايات المتحدة.
أمريكا تمتلك قاعدة عسكرية في قطر وهي قاعدة العديد وهذه القاعدة خدمت الولايات المتحدة في عملياتها بالشرق الأوسط ولذلك التعاون العسكري بين قطر والولايات المتحدة مهم جدا لأمن المنطقة في ظل التهديدات الإيرانية واستهداف منطقة الخليج بالمسيرات الإيرانية ولذلك يساعد التعاون العسكري في درء المخاطر التي يمكن أن تنجم عن التهديدات الإيرانية .
انتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي زار الدوحة من أجل الحوار الاستراتيجي السنوي بين الولايات المتحدة وقطر وهذا الحوار هو الخامس بينهما وقبل توقيع إعلان النوايا حضر بلينكن مباراة كرة القدم بين فريق بلاده وويلز والذي انتهى بالتعادل وهذا يؤكد حرص الولايات المتحدة على تشجيع قطر في استضافتها لكأس العالم .
اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ونظيره القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني تم فيه مناقشة قضايا عديدة تخص الملفات العربية وملفات الخليج وتم الحديث حول علاقة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بعد قرار أوبك بلس بتخفيض الإنتاج النفطي إلى ٢ مليون برميل واعلن بلينكن خلال المؤتمر الصحفي إنه على الرغم من حصول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على الحصانة القانونية في الولايات المتحدة في قضية خاشقجي إلا أن الولايات المتحدة تعيد تقييم علاقاتها مع السعودية وهذا التصريح في غير محله لأن العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية علاقة قديمة ومتجذرة وبينهما ملفات عديدة تخص أمن المنطقة ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية وإذا كانت إدارة الرئيس بايدن تتعامل بالقطعة في بعض الملفات خاصة ملف الطاقة فهذا غير منطقي ولا يمكن للولايات المتحدة أن تضغط على المملكة العربية السعودية في ملف الطاقة لأن السعودية ترى مصلحتها اولا ومن حقها أن تعمل وفق رؤيتها لكن الواضح أن إدارة بايدن تصر على السير الخاطئ في تعاملها الغير منهجي مع المملكة العربية السعودية ولذلك زيارة ولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة غير مطروحة في الوقت الحالي وهذا ما أكد عليه بلينكن في الدوحة .
الولايات المتحدة أشادت بتطور قطر في ملف حقوق الإنسان وملف العمالة الأجنبية التي تعمل في قطر وأكد وزير الخارجية القطري إنه وفق رؤية أمير قطر في ملف حقوق الإنسان وأن العالم يتغير من حولهم .
إعلان النوايا الذي تم توقيعه بين الولايات المتحدة وقطر يأتي تتويجا طويلا لعلاقات قوية تجمع البلدين والتعاون بينهما سوف يظل مستمرا وسوف تظل الولايات المتحدة تعمل مع قطر من أجل مصالحها الاقتصادية والعسكرية وهذا ما يجعل الحوار الاستراتيجي بينهما ناجحا وأصبحت قطر شريكا رئيسيا للولايات المتحدة وقطر قدمت العديد من الخدمات للولايات المتحدة ولن تنسى ان قطر قامت بإجلاء الجنود الامريكيين من أفغانستان والافعان المتعاونين مع الولايات المتحدة وقدم بلينكن الشكر لقطر قبيل مغادرته الدوحة بعد انتهاء الحوار الاستراتيجي الخامس بين واشنطن والدوحة .
العلاقات الأمريكية القطرية نموذجا جيدا في التعاون المشترك ونتمنى ان تعلم الولايات المتحدة إن دول الخليج يمكن أن تساهم في تعاون كبير في الملفات المختلفة إذا حافظت أمريكا على مصالح الشعوب الخليجية واحترمت إرادة الدول الخليجية في اتخاذ ما تراه مناسبا لها وان القرار الخليجي قرار مستقل وان القادة في الخليج يحافظون على أمن بلادهم ويحمون مصالح شعوبهم ولا يمكن العودة إلى الوراء وان دول الخليج اليوم من أهم دول العالم في التقدم والتطور وإن الخليج اصبح افضل مناطق جاذبة للاستثمار اليوم والتعاون الامريكي مع دول الخليج سوف يعود عليها بالنفع وأنها إذا قررت التعامل من منطق المصالح المشتركة سوف تربح اما اذا تعاملت بمنطق التعالي سوف تخسر وتظل دول الخليج الرابح دائما ولن تتوقف العلاقات الامريكية عند إدارة بعينها بل سوف تستمر وفي النهاية الولايات المتحدة تدرك أن الخليج شريكا وحليفا مهما وفي النهاية لايصح الا الصحيح .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى