
كتب : د/ تامر ممتاز
– بدأت المشكلة إمته : لما الناس دي وقفت قدام افران العيش بالصورة دي بعد ما كل واحد منهم كان بيخبز العيش بايده
– زاد عدد الناس قدام الأفران وزادت الطوابير ولم ننتبه لتضخم حجم المشكلة
– زيادة سكانية غير منتجة عايزة نوفر لها افران كتير .. حتى الفلاح اللي كان بيملك قوته ولا يحتاج لأحد ابداً للأسف هدم الفرن اللى في بيته وراح وقف في الطابور قدام فرن العيش .. نفس الصانع اللي ساب مهنته وراح اشتغل على توكتوك.
– طيب إمته المشكلة اصبحت أزمة :
لما الطوابير كترت وناس كتير اتهمت أصحاب الافران بانهم جشعين واسعار العيش غاليه مع ان اصحاب الافران مش لاقيين الدقيق اللي يكفي الطوابير دي كلها
– الناس دى طلبت من الحكومة انها تخلى أصحاب الافران ينزلوا سعر رغيف العيش ساعتها راح التموين لقى ان صاحب الفرن خسران ومش عارف يقفل علشان الناس اللى شغالة بيوتهم مفتوحة
– صاحب الفرن لما لقى العملية مش جايبة همها قفل الفرن
والناس كلها وقفت طوابير قدام الفرن اللي شغال واتخانقوا مع صاحب الفرن التانى
– ايه اللى حصل بعد كده :
– الناس راحت ضربت صاحب الفرن وكسروه على دماغ الخبازين واتقفل الفرن وندموا ندم عمرهم علشان حصل ان الناس دى جاعت
– لاحظوا ان فى كل المراحل اللي فاتت سواء فى المشكلة او الازمة او ما بعد الازمة ؛ الناس اللي واقفة دي كانوا شايفين ان هما ضحايا وزعلانين وانهم انظلموا وان صاحب الفرن هو الظالم وجشع كمان وان الحكومة قصرت فى حقهم لان على الحكومة انها تقبض على صاحب الفرن وتحطه فى السجن أو يشتغل بالعافيه غصب عنه ولو حتى كان بيخسر او ينضرب كل يوم لانه فى نظرهم مش هيفرق معاه .. ومفكروش للأسف مرة واحدة يسألوا نفسهم سؤال :
ايه اللي بيقدموه لمجتمعهم يستحقوا عليه عائد مقابل لما يقدمونه من قيمة
مفكروش مرة ان لو واحد منهم اشترى الفرن الصبح هل هيرضى انه يبيع العيش ببلاش ؟ هل يتوقع انه هيكفي الناس دي كلها ومفيش دقيق يكفيهم وهيعمل معاهم ايه لما يضربوه ؟
كل واحد كان شايف نفسه انه ضحية وان على الناس التانية ظالماه
– يعملوا ايه ؟ الحل ايه طيب :
الناس اللي واقفة في الطابور خليهم بس يقولوا لبعضهم كل واحد فيهم فاهم في ايه وكل واحد فيهم عنده ايه وبيفهم فى ايه .. ايه اللي تقدر تقدمه علشان تاخد مقابل ليه
– سواء كانت مقايضة بينهم او تكامل فيما بينهم لعمل مشروع ويتقاسموا في ارباحه وهيطلع من ضمن الناس دي ناس كتير اشتغلوا كانوا قاعدين فى بيوتهم فاضين أو واقفين فى الطوابير كانوا طاقات مهدرة وغير مستغلة
– عقول بتفكر ولكن للاسف مختزلة فرضت على نفسها انها تعيش بمرتبات لا تكفي وكل يوم الصبح الواحد يتخانق مع زوجته واولاده وبيشتكى من ضيق الحال .. مع ان كان امامهم فرصة يتعلموا حرفة او صنعة او مهنة او عمل حر يجيب لهم اضعاف مرتباتهم
– لما يتجمع كل خمسة منهم هيزرعوا القمح وكل خمسة هيفتحوا فرن
– الافران هتكتر وهنلاقي الطوابير انتهت وهنلاقي العيش كتير والاسعار هتقل وهيرتفع مستوى معيشة الناس وهتزيد دخولهم وهيكتشفوا انهم اللى ظلموا انفسهم وضيعوا عمرهم وانهم هما اللي قفلوا على نفسهم الباب طول عمرهم وهما مش عارفين ان كان معاهم مفتاحه.
– فلنتفق جميعا على ان نُغير ثقافة مجتمعنا من مجتمع مستهلك إلى مجتمع منتج وهنحمى الناس دى كلها من الخطر
– واخيراً : جزى الله الازمة عنا خيرا اذ رأينا حقيقتنا بدون تجميل فكان ظاهرها العذاب ولكن باطنها فيه الرحمة لتغيرنا من ناس مستهلكة إلى ناس منتجة لهم قيمتهم بين الامم وترجع ليهم عزتهم وكرامتهم .. سنخلق غد اجمل لمصرنا الغاليه .. باذن الله