واحة الأدب

 علي رصيف الحلم

بقلم/عزت عبد العاطي

 رن جرس الهاتف الرابعة فجرا علي خبر ظل ينتظره طويلا؛ الآن سوف أرحل إلي القاهرة.. زادت دقات قلبه مع أنه كان يعلم ذلك مسبقا.. وأخبرته أن القطار سيتحرك

 في السادسة.. لم يكن بوسعه شيء ليفعله سوي دعواته لها.. ورحلت عنه لكن روحها لم تفارقه حتى في النوم تزوره كل لحظة؛ فتؤرق مضاجعه.. أوقف الزمن عندها وهبها كل دمائه النقية في شرايينه.. ادخر لها ساعات الفرح حين تأتي.. زين جنبات فؤاده العليل بأكاليل العودة ليستقبلها.. ومر من العمر سنون.. لم يسمع عنها شيئا.. كل لحظة يترقب مجيئها.. وفجاءة دق جرس الهاتف.. (حبيبي) هل أنت بخير؟! لم يتمالك نفسه من الذوبان في اللاشيء.. تراقص مع مضامينه.. غنت معه جدران البيت.. صار فراشا هائما في اللاوجود.. وأكملت: أنتظرك بجوار الرصيف.. ارتدي- وبلا تفكير- ملابسه.. انطلق مسرعا.. وصل.. وجدها تمسك بطفلين لطالما حرمت منهما شهرا كاملا.. يبست الصدمة قدميه في الأرض.. أحدهما يحمل مسدسا كان يلهو به في العيد.. والآخر يلهو بحصان صغير.. ودعها داعيا لها الله أن تعيش الباقي من عمرها لا يمسها مكروه.. ضحك من القلب وكأنها ضحكته الأخيرة.. وفي غمرة هذه المشاعر المختلطة بالآهات المتلاحقة؛ تذكر ابنته التي كانت تلح من أول أيام العيد تريد عروسا تفرح بها.. أخرج ما كان يدخره لحبيبته التي كان ينتظرها.. وذهب لأول محل لبيع اللعب ليشتري لحبيبته الصغيرة عروسا تلهو بها في العيد.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى