من هنا وهناك

قصة القطيعة بين الأتراك واليونانيين.

 

كتب:  طارق تغيان

كان قرار السلطان محمود الثاني
بإعدام البابا جريجوريوس الخامس عام 1821م بمثابة البنزين الذي انسكب فوق نار خاملة! اشتعلت بعدها الثورة اليونانية واتخذت طابعا وحشيا ادى إلى قطيعة نهائية بين اليونانيين والأتراك لا يزال اثرها باقٍ إلى اليوم.

منذ عام 1816م، بدأت بعض الجمعيات الوطنية اليونانية في الدعوة للثورة على الحكم العثماني سرا بين المواطنين وانتشرت الفكرة كثيرا، إلى أن رصدتها السلطات العثمانية، وعرفت معلومات كاملة عن نشاطها وافكارها وأماكنها ووضعت كل تلك المعلومات ببن يدي السلطان. في الوقت الذي كان بطريرك القسطنطينية يتدخل من آن لآخر للافراج عن بعض المعتقلين والشفاعة فيمن حُكم عليهم بالإعدام واحتواء غضب كثير من العائلات اليونانية المقيمة في الأستانة. إلى أن طلبه السلطان محمود الثاني ذات يوم وعنفه واتهمه بدعم الثورة بدلا من العمل على وأدها طاعة “لولي الامر”! فاعترف البابا بذلك مذكِّرا السلطان بعدد من جرائم الأتراك في اليونان ضد المعتقلين، وذلك بدلا من أن يعده بتهدئة الأهالي كما يحدث كل مرة، وكما كان يتوقع السلطان! وهنا استشاط السلطان محمود وأمر بإعدام البابا والتمثيل بجثمانه، فأُعدم في عيد الفصح (ابريل) 1821م، وتُرك جثمانه معلقاً على باب احدى الكنائس ثلاثة أيام قبل أن يلقوا به في البسفور لاحقا! ليلتقطه فيما بعد عدد من البحارة اليونانيين الذين نقلوها إلى منطقة أوديسا ليتم دفنه هناك.

وكان إعدام البابا حافزا قويا لتحرك الأهالي في صورة مجموعات مسلحة منظمة، انقضت على الحامية التركية في كل مدن وقرى المورة، وأحصتهم عددا! في شهور قليلة أُعلنت منطقة جنوب اليونان خالية من الأتراك ليتم إعلان استقلالها وإقامة أول حكومة يونانية قومية، بدستور في العصر الحديث. الأمر الذي فشل السلطان في منعه، فاضطر للاستعانة بصديق: محمد علي باشا، والذي سبق له الاستعانة به في الحجاز ليعاونه في مواجهة أهل اليونان.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى