سياسة

قمة العرب في الجزائر تحديات وطموحات

بقلم :احمد المالكي
كاتب متخصص في العلاقات الدولية والقضايا السياسية

تنعقد في الجزائر ، القمة العربية ،الحادية والثلاثون ، وذلك تحت شعار “لم الشمل العربي”. تأتي القمة ، في ظل الازمات والتحديات التي تواجهها الدول العربية ، وعلى راسها الإرهاب ، والاوضاع الاقتصادية الصعبة ، وازمة الطاقة والغذاء ، والتدخلات التركية والإيرانية في الشؤون الداخلية ، لسوريا و ليبيا والعراق ولبنان، بالإضافة إلى القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي .
الجزائر تستضيف القمة ، وتبذل أقصي الجهود من أجل انجاحها ، ووجهت الدعوات إلى جميع القادة العرب. ورغم غيابات عدد من القادة العرب ، لبعض الظروف ،الا أنه سوف يحضر ممثلين عنهم ، وذلك لأهمية القمة .
و الجزائر دولة عربية لها ثقلها ، ومكانتها عربيا ، وعملت على المصالحة الفلسطينية ، وتقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية المختلفة ، وسوف يتم عرض ورقة المصالحة الفلسطينية على طاولة القمة العربية .
أما عن التحديات ، فهناك تحديات عديدة تواجه العرب، في ظل اوضاع متأزمة سياسيا واقتصاديا، بالإضافة إلى الحرب الروسية الاوكرانية ، والتي اثرت سلبا على عدد كبير من دول العالم ومنها الدول العربية، أضف إلي ذلك الاوضاع السياسية في ليبيا وسوريا واليمن ولبنان والسودان ، من غياب دولة المؤسسات ، وانتشار الإرهاب ، بالإضافة إلى عدم وجود اي تسوية سياسية حقيقية في هذه الدول، وتدخلات تركية وايرانية سافرة في الدول العربية، ومحاولات لاستمرار الفوضى والإرهاب ، من اجل خدمة مصالح هذه الدول التي لديها اجندة تخريبية وارهابية .
لا توجد دول عربية اليوم في المنطقة إلا بحاجة إلى تسوية سياسية والجامعة العربية على الارض فعليا ليس لها اي دور حقيقي وتواجد لاعبين دوليين في الازمات العربية ادى الى تعقد الاوضاع العربية ، ولذلك البيت العربي، عليه مسؤولية حل الصراعات والازمات ، التي تعصف بالمنطقة ، “فاهل مكة ادرى بشعابها” كما يقولون ، وهذه القمة يجب ان تناقش الواقع العربي بصدق، وان يكون هناك ضمير ووعي عربي، بضرورة التوصل إلى حلول حقيقية ، الله تخدم القضايا العربية ، وتنهي معاناة المواطن العربي من هذه الاوضاع ، التي تمر بها المنطقة ، وفقد الشباب العربي الامل ، في إيجاد حياة كريمة له ولاسرته ، وعدد كبير من الشباب العربي اليوم يبحث عن الهجرة خارج المحيط العربي .
غياب قادة بعض الدول العربية عن قمة الجزائر ، لايعني فشل القمة او التعمد في إفشالها ، لان انعقاد هذه القمة ضرورة بعد ٣ سنوات من الغياب ، وشهدت الدول العربية احداثا كبرى وبحاجة إلى تدخل عربي حقيقي ، يجري جراحة عاجلة للجرح العربي ، والبحث عن مخرج حقيقي لكل الازمات التي تمر بها الدول العربية ، ولن يحدث ذلك إلا بالتوافق في كافة الرؤى وإيجاد ارضية مشتركة للتوافق بين الدول العربية ، بالإضافة إلى طرح مبادرات اقتصادية تعود بالنفع على الاقتصادات العربية، ولن يتم ذلك إلا من خلال التكامل العربي الحقيقي ، و تفعيل كل ماتم الاتفاق عليه في القمم السابقة ، وتفعيل التعاون المشترك في كافة المجالات.
دول عربية كثيرة دخلت في نفق مظلم ، ولم تعد تؤمن ان هناك حلول ، ولابد ان تكون الجامعة العربية متواجدة بقوة في القضايا العربية ، ولا تقف موقف المتفرج ، ويجب ان يكون هناك دعم عربي قوي ، لتحركات الجامعة العربية ، والمساهمة بشكل فعال في كافة القضايا العربية .
إنجاح قمة الجزائر يجب ان يكون في المضمون قبل الشكل لانريد بيان ختامي غير واقعي ، بل نطمح إلى ان يكون بيان القمة الختامي ، يؤكد على قرارت حقيقية نابعة من توافق عربي حقيقي، ولابد من التأكيد على سيادة الدول واحترام مواقف الدول ومراعاة مصالحها ، و لا يجب فرض اجندات عليها ولابد ان يكون لكل دولة قرارها ، وعدم الضغط عليها لتمرير سياسات لا تخدمها .
الجزائر محطة عربية جديدة في اجتماع عربي في وقت صعب ، ولابد ان ينتج عنه قرارت تاريخية ، تعود بالنفع على القضايا العربية ، لعلها تكون بداية جديدة في العلاقات العربية بين الاشقاء العرب .
التحضير للقمة كان جيدا وقام وزراء الخارجية ، بالتحضير الجيد لهذه القمة ، والحديث عن إصلاح وتطوير الجامعة العربية ، قائم سواء تم طرحه في هذه القمة ، أو لم يتم طرحه ، لكنه ربما يحتاج إلى وقت طويل ، والقمة لديها ازمات عربية كثيرة ولديها تحديات سوف تعمل من اجل مجابهتها . واخيرا نقول أن نجاح القمة ، لن يكون نجاح للجزائر فقط، بل للمنظومة العربية الكبيرة ، الجامعة العربية هي بيت العرب الذي يجب أن يضمهم جميعا ، وان يكون بالشكل اللائق بهم .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى