
كتبت : بـهيثا الخلعي محمـود
اسمه الحقيقي عبد الحليم علي إسماعيل شبانة، وهو مغني وممثل مصري قديم، ولد بمحافظة الشرقية تحديدًا بقرية الحلوات، حيث يوجد بها عائلته وسراياه.
*حياته ونشأته
ولد عبدالحليم حافظ في 21 يونيو 1929، في قرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية، فكان هو الطفل الأصغر بين إخوته الأربعة “إسماعيل ومحمد وعليا”، ونشأ يتيمًا من جهة الأم حيث توفيت أمه بعد ولادته بأيام معدودة، وأيضًا من جهة الأب حيث توفي أبوه قبل أن يتم عامه الأول، فأصبح يتيم الأم والأب، ثم انتقل ليستقر بقية حياته في بيت خاله الحاج متولي عماشة، ومن هنا بدأت رحلة مرضه حيث كان يلعب مع الأولاد في ترعة القرية التي منها انتقل إليه مرض البلهارسيا الذي دمّر حياته، حيث أجرى خلال حياته واحد وستين عملية جراحية، وقد قال ذات مرة أنا ابن القدر من كثرة الضغوطات التي واجهها في رحلة مرضه.
وكان أخيه الأكبر إسماعيل شبانة مطربًا ومدرسًا للموسيقى في وزارة التربية، وبعدما نضج عبدالحليم قليلًا التحق بـ كتاب الشيخ أحمد، ومنذ دخوله المدرسة ظهر حبه العظيم للموسيقى حتى أصبح رئيسًا لفرقة الأناشيد في مدرسته، ومنذ هذا بدأ بكل الطرق الدخول في مجال الغناء من شدة حبه لها.
درس بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين عام 1943، وعندما كان طالبًا في قسم التلحين التقي بالفنان كمال الطويل، الذي كان يدرس في قسم الغناء والأصوات، فأصبحوا أصدقاء طوال مدة المعهد حتى تخرجوا عام 1948، وقد جاءته فرصة سفر في بعثة حكومية إلى الخارج لكنه ألغى سفره وفضّل العمل في مجال الموسيقى 4 سنوات مدرسًا للموسيقى بطنطا ثم الزقازيق وقد جاء أخيرًا بالقاهرة.
ثم قدّم استقالته من التدريس والتحق بعدها بفرقه الإذاعة الموسيقية عازفًا على آلة الأوبوا عام 1950، والتقي مع مجدي العمروسي في 1951 في بيت مدير الإذاعة في ذلك الحين الأستاذ الإذاعي فهمي عمر، وفي ذلك التوقيت قد اكتشف عبد الحليم شبانة الإذاعي حافظ عبد الوهاب الذي سمح له باستخدام اسمه «حافظ» بدلًا من شبانة والذي اشتهر بيه في مجال الغناء والتمثيل أيضًا.
تعددت اجتيازات العندليب الاسمر فقد أُجيز في الإذاعة بعد أن قدم قصيدة «لقاء» كلمات صلاح عبد الصبور، ولحن كمال الطويل عام 1951، وفي عام 1952 قد قدم أغنية «يا حلو يا اسمر» كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي، وقيل أنه غنّى (صافيني مرة) كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي في أغسطس عام 1952 ورفضتها الجماهير من أول مرة حيث لم يكن الناس على استعداد لتلقّي هذا النوع من الغناء الجديد فكان الأمر غريبًا عليهم.
ولم يستسلم ذات مرة فقد أعاد غناء «صافيني مرة» في يونيو عام 1953، وكان هذا تاريخ يوم إعلان الجمهورية، وحققت نجاحًا كبيرًا، ثم قدّم أغنية «على قد الشوق» كلمات محمد علي أحمد، وألحان كمال الطويل في يوليو عام 1954، وحققت نجاحًا ساحقًا، ثم اقتحم الساحة وأعاد تقديمها في فيلم «لحن الوفاء» عام 1955، ومع تعاظم نجاحه لُقّب بالعندليب الأسمر.
*تألق العندليب ومرحلة القوة
كان عبد الحليم لديه كثير من الطموحات والأحلام وكان يحلم بتقديم قصة «لا» للكاتب الكبير مصطفى أمين على شاشة السينما ورشح واختار نجلاء فتحي لبطولتها ولكن فشل حلمه، واتجه لتقديم 3 برامج غنائية هي: «فتاة النيل» للشاعر أحمد مخيمر وألحان محمد الموجي وإخراج كامل يوسف و«معروف الإسكافي» للشاعر إبراهيم رجب وألحان عبد الحليم علي وإخراج عثمان أباظة، «وفاء» للشاعر مصطفى عبد الرحمن وألحان حسين جنيد وإخراج إسماعيل عبد المجيد.
كبر نفوذ العندليب الأسمر وتعاون مع الملحن العبقري محمد الموجي وكمال الطويل ثم بليغ حمدي، كما أن له أغاني شهيرة من ألحان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب مثل: (أهواك، نبتدي منين الحكاية، فاتت جنبنا)، ثم أكمل الثنائي (حليم – بليغ) بالاشتراك مع الشاعر المصري المعروف محمد حمزة أفضل الأغاني العربية من أبرزها (زي الهوا، سواح، حاول تفتكرني، أي دمعة حزن لا، موعود وغيرها من الأغاني)، ثم تابع عمله وغنى للشاعر الكبير نزار قباني أغنية قارئة الفنجان ورسالة من تحت الماء والتي لحّنها الموسيقار محمد الموجي.
بعد حرب 1967، غنى في حفلته التاريخية أمام 8 آلاف شخص في قاعة ألبرت هول في لندن لصالح المجهود الحربى لإزالة آثار العدوان، وقد قدّم عبد الحليم في هذا الحفل أغنية المسيح، كلمات عبد الرحمن الأبنودي وألحان بليغ حمدي، وغنّى في نفس الحفل أغنية عدى النهار، وهي أيضًا للأبنودي وبليغ، وهي واحدة من أبرز أغاني حفلات عبد الحليم على مدار تاريخه الطويل.
كان صديقًا للزعيم الحبيب بورقيبة، والحسن الثاني، والملك حسين.
*رحلة مرضه
أصيب العندليب الأسمر بتليف في الكبد وكان سببه مرض البلهارسيا، وكان هذا التليف سببًا في وفاته عام 1977م وكانت أول مرة عرف فيها العندليب الأسمر بهذا المرض عام 1956م عندما أصيب بأول نزيف في المعدة وكان وقتها مدعوًا على الإفطار بشهر رمضان لدى صديقه مصطفى العريف، فقد تعددت الأطباء الذين عالجوه في رحلة مرضه: الدكتور مصطفى قناوي، الدكتور ياسين عبد الغفار، الدكتور زكي سويدان، الدكتور هشام عيسى، الدكتور شاكر سرور، ومن إنجلترا الدكتور تانر، الدكتورة شيلا شارلوك، الدكتور دوجر ويليامز، د.رونالد ماكبث، ومن فرنسا د.سارازان فرنسا.
كانت له سكرتيرة خاصة هي الآنسة سهير محمد علي وعملت معه منذ 1972 وكانت مرافقته في كل المستشفيات التي رقد فيها.
*المستشفيات التي رقد فيها بالخارج
مستشفى ابن سينا بالرباط (المغرب)
وفي إنجلترا: مستشفى سان جيمس هيرست، ولندن كلينك، فيرسنج هوم، مستشفى كنجز كولدج (المستشفى الذي شهد وفاته)، «سالبتريد» (باريس).
*وفاته
توفي يوم الأربعاء في 30 مارس 1977 في لندن عن عمر يناهز السابعة والأربعين عامًا، والسبب الأساسي في وفاته هو الدم الملوث الذي نقل إليه حاملًا معه التهاب كبدي فيروسي (فيروس سى) الذي تعذر علاجه مع وجود تليف في الكبد ناتج عن إصابته بداء البلهارسيا منذ الصغر، كما قد أوضح فحصه في لندن، ولم يكن لذلك المرض علاج وقتها وبينت بعض الآراء أن السبب المباشر في موته هو خدش المنظار الذي أوصل أمعائه مما أدى إلى النزيف وقد حاول الأطباء منع النزيف بوضع بالون ليبلعه لمنع تسرب الدم ولكن عبد الحليم مات ولم يستطع بلع البالون الطبي.
حزن الجمهور حزنًا شديدًا حتى أن بعض الفتيات من مصر انتحرن بعد معرفتهن بهذا الخبر، وقد شيع جثمانه في جنازة مهيبة لم تعرف مصر مثلها سوى جنازة الرئيس المصري جمال عبد الناصر والفنانة أم كلثوم سواء في عدد البشر المشاركين في الجنازة الذي بلغ أكثر من 2.5 مليون شخص، أو في انفعالات الناس الصادقة وقت التشييع.