من هنا وهناك

معاهدة “بلطة ليمان” في التاريخ المعاصر

 

كتب طارق محمد احمد تغيان

من أكثر المعاهدات التي أضرت بالسوق المصري في زمن محمد علي باشا هي معاهدة (بلطة ليمان)، وهي معاهدة تجارية تم الاتفاق عليها في أغسطس عام 1838م بين الدولة العثمانية والمملكة المتحدة وأيرلندة، لتنظيم التجارة الدولية. حيث تم تحديد الرسوم لتكون 5 % على الواردات، 12 % على الصادرات، و 3 % على البضائع المارة (ترانزيت). كما وافق العثمانيون على إلغاء جميع الاحتكارات. ففي هذا الوقت كانت انجلترا تريد فتح الاسواق في الشرق الأوسط امام البضائع الانجليزية لدعم الصناعة في بلادها. ورغم ضرر هذه المعاهدة بالدولة العثمانية، لانها لن تعطيها اي فرصة لدعم اي صناعة محلية او الحفاظ عليها، الا ان السلطان العثماني محمود الثاني وافق عليها نكاية في محمد علي باشا والي مصر، ليضرب له الصناعة التي بدأ يهتم بها ذلك الأخير في مصر.

ايضا كان هناك قلقاً في انجلترا من احتمال تأسيس محمد علي لدولة مستقلة متحالفة مع روسيا ضد العثمانيين وبلاد فارس القاجارية (فاستقلال ووحدة أراضي كل من الدولة العثمانية وبلاد فارس كانوا من الأمور بالغة الأهمية للمصالح البريطانية في المنطقة). كما كان هناك العديد من الشكاوى من رجال الأعمال البريطانيين من تعرضهم لرسوم تـُفرض على بضائعهم المارة عبر مواني مصر والشام، وكذلك تعرضهم لرسوم عشوائية من الباشوات المحليين.

ورفض محمد علي تنفيذ هذه الاتفاقية، وهو الوالي التابع للدولة العثمانية وسلطانها، بسبب ما تشكله تلك المعاهدة من تهديد لمشروعه التصنيعي الناشئ، ف أمهله السلطان محمود الثاني فترة سماح لمدة سنة، رفض بعدها محمد علي الالتزام ايضا! ولكن في 1840م، هاجم العثمانيون، بمساعدة الانجليز، بلاد الشام واستعادوا السيطرة على بلاد الشام. إلا أن الثمن الذي دفعه العثمانيون للمساعدة البريطانية كان باهظاً، فقد منحت تلك المعاهدة انجلترا مزيد من السيطرة على الاسواق في كافة ربوع الدولة العثمانية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى