اجتماعيات

أحمد عبد الوهاب يكتب: مزينوا الزيف ومشوهي الحقائق آفة كل المجتمعات

كتب / أحمد عبد الوهاب

من أجمل ما قرأت، ما كتبه الشاعر والكاتب الباكستاني الراحل “مرزا أديب” في سيرته الذاتية التي حملت عنوانا “المصباح”:
(ذهبت إلى دلهي في الستينيات للعمل وفي أحد الأيام نزلت من الحافلة؛ ثم فتشت جيوبي لأتفاجأ بأن أحدهم قد سرقني، وما كان في جيبي حين نهبت سوى تسع روبيات ورسالة في ظرف كنت قد كتبتها إلى أمي: “أمي الحنون!!
فصلت من عملي، لا أستطيع أن أرسل لك هذا الشهر مبلغ الخمسين روبية المعتاد…”
وكنت قد وضعت رسالتي هذه في جيبي منذ ثلاثة أيام على أمل أن أرسلها في وقت لاحق بما يتوفر من روبيات، وعلى الرغم من أن الروبيات التسع التي سرقت لا تساوي شيئا؛ لكن الذي فصل من عمله؛ وسرق ماله تساوي في نظره 9000 روبية!!
مضت أيام وصلتني رسالة من أمي توجست خوفا، وقلت في نفسي: لا بد أنها طلبت المبلغ الذي اعتدى إرساله إليها، لكني عندما قرأت الرسالة احترت كونها تحملا شكرها ودعواتها لي، قائلة:
«وصلتني منك 50 روبية عبر حوالتك المالية، كم أنت رائع يا بني، ترسل لي المبلغ في وقته ولا تتأخر بتاتا، رغم أنهم فصلوك من عملك، أدعو لك بالتوفيق وسعة الرزق»
وقد عشت مترددا محتارا لأيام… من يا ترى الذي أرسل هذا المبلغ إلى أمي؟!! وبعد أيام وصلتني رسالة أخرى بخط يد بالكاد يقرأ، كتب فيها صاحبها:
“حصلت على عنوانك من ظرف الرسالة، وقد أضفت إلى روبيات التسعة، إحدى وأربعين روبية كنت قد جمعتها سابقا، وأرسلتها حوالة مالية إلى أمك حسب العنوان الذي في رسالتك وبصراحة فإني قد فكرت في أمي وأمك، فقلت في نفسي: لماذا تبيت أمك أيامها طاوية على الجوع وأتحمل ذنبك وذنبها؟؟ تحياتي لك،
أنا صاحبك الذي انتشلك في الحافلة فسامحني”!.
الخلاصة… إننا أحيانا قد نصادف لصوصا أشرف بكثير من أولئك الذين يدعون الشرف ويرفعون شعارات في حقيقتها منزوعة الدسم، إن لم تكن مسمومة… العالم ببواطن الأمور هو المولى عز وجل، أما أولئك المدعون فهم أفيه كل مجتمع يزينون الزيف ويشوهون الحقائق وللحديث بقية

اظهر المزيد

Ahmed Abd-Elwahab

احمد محمد احمد عبد الوهاب قاص وصحفي بعدة صحف ومواقع إلكترونية _ رئيس مجلس إدارة موقع وجريدة "الخبر اون لاين". _ مؤسس صفحة تاريخنا الخالد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى