من هنا وهناك

حرب الملك ريتشارد وملك قبرص تاريخياً

 

كتب طارق محمد احمد تغيان

كان الملك ريتشارد قلب الأسد، ملك الإنجليز، في طريقه إلى الأراضي المقدسة عام 1190م، فقامت عواصفٌ بحرية بمنطقة شرق المتوسط، وفرّقت السفن الانجليزية في أنحاء مختلفة إلى جزر قبرص وكريت ورودس. ريتشارد ومعظم السفن وصلوا إلى رودس، بينما ثلاثة سفن إلى قبرص، وصلت منهم بسلامٍ للميناء السفينةُ التي تحمل شقيقته وزوجته، وتحطّمت الأخرتان، حتّى أن الحطامَ وصل لشواطئ قبرص، فهبّ الناس للاستيلاء على أي شيء في الحطام، طبقًا للقانون بتلك الفترة، الذي ينص على أن الدول البحرية لها الحق في مصادرة أي حطام على شواطئها باسم الملك، بينما لم تعلم سفينة الملكة ما حدث لريتشارد.

حين وصل ريتشارد بعدها بالأسطول، وجد سفينةَ زوجته وشقيقته خارج الميناء في مياه خطرة وأمواج قوية، فجنَّ جنونه وأسرع نحوهم، وحين أطلَعُوه على الموقف وسرقة حطام السفن، اشتدّ غضبه وثورته، وأرسل يطلب تسليم الحطام بما فيه من كنوز، لكنّ الملك رفض طبعًا بحجة القانون، فجاءت فرصة ريتشارد مجددًا للقتل والخراب، وبالفعل بدأ الاستعداد للحرب، وسريعًا، هزمَ ريتشارد أسطولَ قبرص، واستولى على الميناء بدون مقاومة تذكر؛ حينها طلب الملك التفاوض.

وفشل التفاوض، واستمرّت الحرب، ودخل ريتشارد العاصمة ليماسول وأخضعها بسهولة، بينما هرب ملك قبرص للجبال، وطلب التفاوض مجددًا، عرض ريتشارد شروطًا تعجيزية، حين طلب من الملك مشاركته في الحملة الصليبية بجيشه، ووضع ابنته أسيرة مع ريتشارد لضمان التزامه، ووافق الملك على مضضٍ، لكنّ ريتشارد خالف قواعد الشرف، ونقضَ عهد الهدنة، وقبض على الملك، ثم ذهب على رأس أسطوله يستولي على باقي الجزيرة، ويصادر أي سفينة أو مركب يجده.

في النهاية، أمسكَ ريتشارد قلب الأسد بالملك وابنته، التي أعطاها لزوجته كخادمة، أما الملك فأمر بسجنه في مدينة طرابلس لأربع سنوات لا يقدم له طعاما إلا الخبز والماء، حتى مات مكسور الفؤاد على ابنته، وضمّ ريتشارد قبرص إلى مملكته.

 

وفي عكا، كان ريتشارد قد اتخذ صف الملك السابق جي دي لويزنيان ونصره ليعود ملكا على القدس من جديد، ولكنه فشل في استعادة المدينة، فباع قبرص للملك جي دي لويزنيان ليؤسس فيها مملكة مستقلة عوضا عن القدس، وتظل أسرته تحكمها لفترة طويلة بعد ذلك.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى