من هنا وهناك

حروب “المورة” في التاريخ المعاصر

كتب : طارق تغيان.

يُعلق بعض الباحثين على أن حروب المورة هي التي بذرت بذرة التمرد في نفس محمد علي باشا ضد السلطان محمود الثاني، وشجعته لاحقا على إعلان الاستقلال بمصر، وقد كانت علاقتهما جيدة من قبل. عندما قبل الباشا بزيادة الخراج السنوي ل10 الاف كيس (حوالي 5 مليون قرش عثماني) بعد ضمه السودان وإدارته للحجاز أيضا، كما بدأ محمد علي في حفر ترعة الإسكندرية وتوسيعها وسماها ترعة المحمودية (نسبه للسلطان محمود)، أيضا استجاب الباشا على الفور وارسل قوات للقتال في المورة وهي ارض لا ناقة له فيها ولا جمل، ولم يكن ليطمح بضمها لاملاكه لأنها في قارة اخرى بعيدة، ولعلمه أيضا بإمكانية ممانعة الدول الاوروبية.

فإن طموح الوالي في الاستقلال بمصر وتكوين دولة قوية يحكمها مدى حياته ولأولاده من بعده، هو حلم عمل محمد علي على تأسيسه منذ أن اعتلى سده الحكم، وأطاح بكل المحيطين به ليؤسس لحكم منفرد، وشيئا فشيئا يخرج جيل من المصريين والسياسيين لا يعرف السلطان ولا الدولة العثمانية، ولا يدين بولائه إلا لمحمد علي ودولته وأولاده. وبعد أن أسس الوالي جيشا من المصريين ودربه وسلحه على أعلى مستوى سأل: هل حان وقت الاستقلال بمصر؟ ام لا؟ ولكن بعد ان تدمر جزء من اسطوله في نڤارين عام 1827م، وسقط من جيشه عشرون ألفا على أقل التقديرات، فاتخذ محمد علي القرار بضرورة العودة إلى مصر وتقبُّل الخسارة بصدر رحب، لأنه ذهب ليعاون السلطان في حربه ضد بعض المتمردين وهو قادر عليهم، لا لأن يصدره السلطان لمواجهة الدول الأوروبية مواجهة هو غير قادر عليها، وأيضا يتهمه بالتقصير.

اتخذ الباشا قرار العودة بمن تبقى من القوات الأسطول من المورة دون انتظار للإذن السلطاني، وتجاهل تأنيب خسرو باشا قائد البحرية العثمانية، وأرسل يطالب بضم الشام رسميا تعويضا له على خسائره في حروب المورة. ولما لم يجد القبول من السلطان، استند على جيشه واعلن المواجهة اللينة، بإظهار الخضوع للسلطان وفي نفس الوقت يُرسل قواته للشام.. من أجل السيطرة وتوسيع ممتلكاته..

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى