تاريخنا الخالد

سقوط الدول في نظر ابن خلدون ” دراسة تاريخية”

كتب/طارق محمد احمد تغيان

 

يقول العلامه ابن خلدون إن من أهم أسباب سقوط الدول، بل وزوال الحضارات هي الإستعانة بالعنصر

الأجنبي لسد الفجوة بين الحاكم والمحكوم، وهما ما ينتج عنه زيادة تلك الفجوة

مما يؤدي لضعف شرعية الدولة، وزوال الرضا الشعبي عنها فيما يعرف بالعصبية.

والأمثلة على ذلك كثيرة، كسقوط دولة البطالمة

في مصر حين تدخل فيها العنصر الروماني، وضعف الدولة الرومانية ذاتها حين استعانت بالفرنجة (قبائل الفرنسيين) لتثبيت حكمهم. وضعف الدولة العباسية حين سيطر عليها العنصر التركي، وبداية زوال الحضارة المصرية

حينما امتلأت قصور الحكام ومؤسسات الدولة بالمرتزقة من الإغريق واللوبيين

والأسيويين، فتوالى عليها الاحتلال الفارسي فالاغريقي فالروماني وهكذا..

 

في أواخر عصر الأسرات، تحديداً في القرن الرابع قبل الميلاد، بدأ استيطان الإغريق واللوبيين

وبعض من شعوب البحر من سُكان قبرص وجنوب اسيا الصغرى، في مصر بشكل سلمي، وعرضوا خدماتهم

على الحُكام كمرتزقة في الجيش يقاتلون بأجر، فأكثر الحكام منهم لتوطيد ملكهم والقضاء على ثورات الشعب. وقد عاش اولئك الأجانب في أماكن منفصلة عن المصريين، طبعا لاختلاف العادات

واللغات، وكان وجودهم في الجيش مكروهاً من كثير من القادة

والذين كانوا يرُون أن وجودهم خطراً على الأمن القومي، لأنهم أولاً وأخيراً

مرترقة يقاتلون من أجل المال، ويمكن

أن يتعاونوا مع من يدفع أكثر. وقد حدث بالفعل أثناء الغزو الفارسي لمصر، عندما نجح قادتهم في استمالة

بعض كتائب من الجنود المرتزقة بوعود مالية ومكانه أفضل في ظل حكمهم، فإنحازوا لهم في القتال،

وتجندوا في جيوشهم بعد استيلائهم على البلاد، فكما قلنا المهم هو المال ولا شئ أخر.

 

هذا إلى جانب كراهية الشعب لهم، لأنهم أولا وأخيرا عبء على مالية الدولة، وهو ما يُجبر الحكام لرفع الضرائب لدفع أجور المرتزقه،

فيثور المصريون على حكامهم ويضطرون لمواجهة تلك الثورات بالقوة المسلحة، وتحدث الإضطرابات والفوضى التي تمهد الطريق للعدو القادم من الخارج.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى