واحة الأدب

كلب لولو (قصة قصيرة)_بقلم/احمد عبد الوهاب

قصة قصيرة / احمد عبد الوهاب

تجاوزت الساعة الثانية صباحا بقليل …الشارع خالي تماما من أي بشر كعادة البلدة الساحلية في مثل هذا الوقت ..كان هدير الموج وزمجرة الرياح هما الصوتان الوحيدان حوله ، احس بقشعريرة تسري في جسده ولام نفسه علي التأخر بمفرده لمثل هذا الوقت وفكر انه كان الافضل له لو سمع كلام صديقه وبات الليلة عنده فكلاهما اعزبان ولن يسبب مبيته ازعاجا لاحد …اقترب من المبني الضخم الذي تستخدمه شركة التعدين جراجا لسياراتها…طافت عيناه بحثا عن حارسي الجراج في الفترة الليلية عله يجد فيهما ونسا في هذه المنطقة الخالية بين الحي القديم حيث يسكن صديقه وبين الحي الجديد حيث تقع شقته…لم يلمح أي من الحارسين ومضي يقترب من المبني الضخم الغارق في الظلام الا من بعض الاضواء الخافته التي اضفت علي المكان رهبة موحشة …امام الجراج توجد بعض سيارات النقل الكبيرة ، تبدو كأشباح ضخمة في الظلام ..بدت منه التفاته ناحية مدخل الجراج ، لمح كتلة سوداء امام الباب و لوهلة بدت له حركة غير عادية من الكتلة السوداء ، اشاح بوجهه واستمر في طريقه ومع ارتفاع دقات قلبه سمع انينا خافتا يصدر عنها …ازداد الانين ..فكر ربما احد الحراس مريضاً يتألم ! لكن ..اين زميله الاخر ؟!..قرر الاقتراب من المدخل ليتبين الامر ..ازداد الصوت وضوحا ..صوت يحمل الالم والانين ، تغلب علي قلقه واتجه ناحية الحارس الراقد ، وجده ملفوفا بغطاء قديم من رأسه لقدميه ، اضاء كشاف الموبايل وفي حذر رفع الغطاء عن الحارس مسلطا الضوء عليه وفجأة ارتد فزعا ، فوجه الحارس و صدره تغطيهما الدماء بغزارة وبدا كما لو ان وحشا مفترسا هاجمه ..تراجع للخلف خطوات مذعورا ..الجمته المفاجأة وازداد رعبه ووقف مبهوتا اكثرعندما رأي الحارس يحاول الوقوف مترنحا وقد سقط الغطاء عن جسده الذي تغطيه الدماء وملابسه الممزقة بوحشية ..تركزت نظراته علي الحارس الذي يقف مترنحا ولم يلحظ ان الغطاء الذي سقط عن الحارس يتحرك كما لو ان جان مسه ولم يفق الا علي ظهور كلب صغير يخرج من تحت الغطاء ..ابتسم لاول مرة فالكلب من النوع الوديع الذي يطلق عليه ( كلب لولو) …انتبه الي سقوط الحارس علي الارض مرة اخري ..اسرع اليه يتفحصه …وجده بلا حراك وتظهر عليه علامات الموت فالجسد متيبس بارد رغم الدماء الحارة التي تسيل منه …احتار في تفسير الامر لكن حيرته لم تدم طويلا فسرعان ما انتبه علي زمجرة متوحشة جانبه ، انتبه فاذا بالكلب الصغير ينظر ناحيته وقد تحولت ملامحه للشراسة و بدأ جسده يتضخم ويكبر حتي صار في ارتفاع قامة انسان بالغ وتضخم وجهه حتى صارت عيناه باتساع طبق فنجان واكتستا بلون احمر قان واتسع فمه وظهرت انيابه طويلة بارزة… وقبل ان يستوعب التحولات التي تجري امام عينيه بدأ الوحش هجومه بلا رحمه و لم ينقذه سوي صديقه الذي كان يحاول ايقاظه من غفوته ، عازما عليه ان يبيت الليله عنده ، لكنه رفض واصر علي ان يذهب الي شقته برغم ان الساعة تجاوزت الثانية والشوارع خاليه من المارة.
احمد عبد الوهاب – البحر الأحمر – مارس ٢٠٠٢

اظهر المزيد

Ahmed Abd-Elwahab

احمد محمد احمد عبد الوهاب قاص وصحفي بعدة صحف ومواقع إلكترونية _ رئيس مجلس إدارة موقع وجريدة "الخبر اون لاين". _ مؤسس صفحة تاريخنا الخالد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى