كتب / احمد عبد الوهاب

قد نختلف أو نتفق حول حياته و افكاره ، لكنه عاش ومات مؤمنا بمبادئه، ولم يحيد عنها ابدا .

منذ عشر اعوام وتحديدا في مثل هذا اليوم الثالث من ديسمبر ٢٠١٣ انتقل الشاعر الكبير احمد فؤاد نجم الي رحمة الله تعالي .

لكن ما حدث في صبيحة هذا اليوم هو الاهم من وجهة نظري …ما حدث يبين لنا ان الرجل كان مؤمنا بكل ما يقول .

البداية عندما اتصل أحمد فؤاد نجم بصديقه رشدي جاد، وطلب منه أن يمر عليه بالمقطم حيث كان يعيش، ولما جاءه الصديق طلب منه الشاعر أن يأخذه إلى البنك.

وفي البنك استعلم الشاعر عن رصيده الذي تجاوز المليون وعشرات الآلاف من الجنيهات المصرية ، وهو المبلغ الذي لم يكن الفاجومي يحلم بنصفه يوما ما.

لكن من اين له هذا المال ؟! ، الحقيقة إن نجم حصل على جائزة الأمير كالاوس، وهي جائزة هولندية تمنح للمبدعين في الادب ، قيمتها مائة الف يورو ، لم يحصل عليها من العرب غير محمود درويش و احمد فؤاد نجم.

طلب نجم من موظف أن يضع المليون كاملاً في حساب مستشفى سرطان الأطفال، قائلا بالحرف : “حط الفلوس دي في المستشفى اللي بتعالج العيال الغلابة من السرطان”.

ثم طلب منه أن يسحب من رصيده خمسة آلاف جنيه ويفتح حساب لبناته الثلاث نوارة وزينب و أميمة ويوزع عليهم باقي حسابه بالتساوي.

وضع نجم المبلغ في جيبه وهم بالخروج ، وعند باب البنك أعطى موظف الأمن خمسمائة جنيه ، و وقف على الطريق ويخرج من جيبه اي عدد من الاوراق المالية،و يناول مَن يقابله.

و هكذا ظل يفعل ، حتي استوقف سيارة أجرة وعاد بها إلى البيت.

وكانت أجرة التاكسي وقتها حوالي الثلاثون جنيهاً ، لكنه أعطى السائق ما تبقى في جيبه من مال، وهو مبلغ اقترب من الألف جنيه .

و تساءل سائق التاكسي بدهشة : ما هذا؟ فرد نجم: “ده رزق العيال”.

وعاد نجم الي بيته تعلو وجهه ابتسامة رضا ، وفي مساء ذلك اليوم، توفي أحمد فؤاد نجم بعد أن وزّع ثروته على الناس الغلابة.

هؤلاء هم الذين عاش الفاجومي بينهم ومعهم ودافع عنهم وعن قضاياهم و سُجن بسبب انحيازه إليهم ، إلي الفقراء والمهمشين .

هذا هو نجم المناضل والشاعر والإنسان ….فسلام لروحك اينما حلت .