اجتماعيات

لماذا تفرق البشر إلي ايدلوجيات برغم حكمة الله في التنوع ؟!

 

كتب / احمد شعبان
“لماذا أنت مفتون بهذا العالم ، إن كان باطنك يطوي منجماً من الذهب ؟“ .. جلال الدين الرومي

تفرقت البشرية بعد حين من اجتماعها إلى أعراق ومذاهب وطوائف وأيدلوجيات، وتميز إنسان على أخيه باللون والعِرق والجنس غير مكترث بحكمة الله في خلقنا بهذا التنوع البديع، غير محترمين روح الله وسره التى اودعها سبحانه في البشر .. كل البشر .
لقد خلقنا الله سبحانه وتعالى بشرا .. وجعل الإنسان كيانا متراكباً متكاملاً من عناصر ثلاثة متداخلة ومتناسقة، فقد أسكن الروح الملائكية التي هي سره الأعظم ونفحة من فيض نوره في جسد الشهوات المخلوق من طين الأرض الصلصال، ثم جعل بينهما النفس المُلهَمة بالفجور والتقوى محققة إرادة الإنسان وحافظة لوسطيته .. ويكاد يتجلى منتهى ابداع الله حين خلق هذا البناء والكيان الموصوف بـ“الإنسان“ متنوعا مختلفا في الظاهر، متشابها متطابقا في الباطن .. فلا فرق في السياق الإنساني ما بين أفريقي يعيش في غابات السافانا حياة البدايات وأخر ساكسوني أو جيرماني يحيا حياة التحضر في أوروبا الغربية .. ولا إختلاف ما بين منغولي اصفر وأمريكي أبيض وهندي أحمر .. ولا تمييز بين المرأة والرجل .. الجميع له جسد وروح وبينهما نفس .. وتلك عظمة حكمة الخالق سبحانه أو كما جاء في كتابه الكريم في سورة هود ” وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ“ .. إرادته أن نكون بشرا نخطئ ونصيب .. نجاهد ما بين رغبات الجسد وشهاوته وبين صفاء الروح وطهرها أو كما جاء في محكم التنزيل – سورة الزخرف الآية ٦٠ ”وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ“ .. لم يخلقنا ملائكة من النور بل كانت إرادته في أن نمارس إنسانيتنا مجتهدين بالسعي للعمران والسلام والمحبة تتواتر علينا ”الأحوال“ صعوداً وهبوطا طامحين في ”المقامات“ العُلى.. وتلك حكمته التى يجب أن يُدركها الإنسان ويتقبلها ويمارسها .. نحن بشر نسعى فنصيب ونخطئ مُدركين بوعي حقيقي ويقين راسخ بأننا نجتهد ما بين رغبات طين الأرض ونور روح الله بنفس تقاوم هواها واقفة ما بين الفجور والتقوى .. هذه الحقيقة أوردها الله في رسالات السيد المسيح عليه السلام حين قال في رسالة بولس الرسول الأولى ”أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ“.

حتمي على كل إنسان مُدرك لحكمة الله في خلقه أن يُبحر في بحور ذاته متخذآً دين الإنسانية فُلكه، ساعياً بترويض نفسه على الحق، باحثاً عن الحقيقة المُطلقة،زاهداً فيما لا يُغني حاله ولا يرفع مقامه .. وإن كان كنز الحياة في رحلتها، فإن خارطة الكنز مطوية داخل الكيان الإنساني .. إننا بذلك الكيان الذي أبدعه الله نستطيع أن نمارس كل بديع وجميل .. فلا حب يُقدم للأخرين دون أن تحب ذاتك وتمارس إنسانيتك .. ولا يقين بالصواب دون ممارسة الخطأ .. ولا جمال يمكن تذوقه في الكون ما دمت لم تتمكن من احساسه بداخلك .. ولا سلام بين العالمين من غير أن ينبع من الذات .. ولا يمكن أن يمكن قبول الآخر وأنت غير متقبل لبناءك الإنساني ومتعايش معه .. ونستخلص رسالتنا الثانية ”سلاماً على أولئك الذين يفيضون بالروعة حين يسلكون مسالك الحقيقة من أجل الحق ويمارسون الإنسانية بلا إلتفاتٍ لزخرف أو ملهاة وبلا حيود عن عن كل معانى التسامح والزهد والخير والتجرد … سلاماً على تلك القلوب التى غمرت بالخير محيطها وفاضت به فى جنبات الكون وجعلته عنواناً لله وسبيلاً فكانت السعادة أسماً لها ونعتاً .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى