واحة الأدب

بائعة المناديل

   بقلم : عزت عبد العاطي 
صعدت عربة المترو .. حاملة ًحزمة ًمن المناديل ..وبصوت يملؤه الأسي ( ساعدوني ـ ولو بباكوـ ) ومنا من يصغي ؛ ومن ينظر لأرضية العربة .. ومن يتجاهل محملقا ً في شاشة الفون .. وأنا !!
كنت واحدا ً من هؤلاء ِالذين يترقبون نهاية نداءات العجوز .. وبدأ الراكبون يتسابقون لأخذ المناديل من تلك المرأة الشمس .. بيضاء كالفل ؛ رقيقة كالنسيم .. حزينة كالبنفسج إمرأة جمعت كل ألوان الطيف ومدارات الأفلاك .. ملاك في صورة سيدة !! هكذا رأيتها وتسابق الناس يخرجون ( جنيها ً) للشراء .. ويعيدون المناديل لها مرة ً أخري ..
رفضت السيدة ـ وبحدة ـ أخذ ما باعت ما دامت حصلت علي الثمن .. وبصوت يغلفه الحنين قلت لكم : ( اشتروا مني .. لا تشحتوني ) .. وانهمرت دموعي كما لم تنزل من قبل .. ما هذه السيدة ؟! هل حقا ًصادقة فيما قالت .. وأثبتت الدقائق العشر التي ظلت فيها معنا صدق هذه العفيفة النبيلة .. تألم القلب .. وبكت العينان .. واختلط النشيج بالوهن القاطن بالقلب .. ورغم كل هذا ؛ لم اشترِ منها شئيا ً.. لأنني تيقنت أنها بمجرد نهاية العربة ستنفذ منها كل المناديل .. وهذا ما حدث بالفعل .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى